هو إفصاح الإدارة – في الشكل الذي يتطلبه القانون – عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونی معین ابتغاء مصلحة عامة .
القضاء الاداري وفقاً لشرح خبراء القانون:
القرار الإداري هو عمل قانوني يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة عامة يحدث مركزاً قانونياً جديداً أو يؤثر في مركز قانوني سابق وقد عرفه العميد ليون دوجي بأنه هو كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل الأوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة وعرفه العميد بونار بأنه هو كل عمل إداري يحدث تغييراً في الأوضاع القانونية القائمة .
مفهوم القضاء الاداري وفقاً لقضاء مجلس الدولة :
القرار الإداري بأنه إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونی معین ابتغاء مصلحة عامة .
وجدير بالذكر أن تعريف القضاء الإداري للقرار هو محل انتقاد على أساس أنه لم يقتصر على تحديد المقصود بالقرار الإداري وذلك ببيان أركانه فحسب وهي التي من شأنها انعقاد القرار الإداري وإنما تعدى ذلك إلى بيان شروط صحته او بالأحرى مشروعيته في حين أن هذه الشروط يجب أن تخرج عن ماهية القرار في ذاته فالقرار الإداري ينعقد ويكتمل وجوده باكتمال أركانه الأساسية بغض النظر عما يشوبه من عيوب تجعله قابلاً للإلغاء والتعريف السائد في القضاء هو تعريف للقرار الإداري المثالي ولكنه لا يحقق المقصود منه في صدد تحديد الاختصاص بنظر دعوى الإلغاء.
ويمكن القول بأن ركن الإرادة هو الركن الوحيد للقرار الإداري وأن عناصر الشكل والاختصاص والمجل والسبب والغاية لا تتصل بانعقاد القرار الإداري ووجوده وإنما بمشروعية هذا القرار وصحته قانوناً وبالرغم مما يبدو من خلاف ظاهر حول تحديد اركان القرار الإداري إلا أن الفقه الحديث يكاد في تقديرنا يجمع على تعريف القرار بركن الإرادة فحسب فعلى سبيل المثال يعرفه الأستاذ الدكتور مصطفى أبو زيد بأنه عمل قانوني تصدره الإدارة بإرادتها المنفردة بقصد إحداث تعديل في المراكز القانونية القائمة إما في الحقوق أو الالتزامات ويرى الدكتور عاطف البنا أنه يكفي تعريف القرار الإداري بأنه تعبير الإدارة عن إرادتها المنفردة والملزمة بقصد إحداث أثر قانونی نهائي والأستاذ الدكتور ماجد الحلو يرى أن القرار الإداري هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر من سلطة إدارية ويرتب آثاراً قانونية والملاحظ أن القضاء الإدارى ذاته يتجه حديثاً إلى نفس الاتجاه حيث ذهبت المحكمة الإدارية إلى أنه لا يشترط في القرار الإداری كأصل عام أن يصدر في صيغة معينة أو بشكل معين بل ينطبق هذا الوصف ويجرى حكمه كلما أفصحت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها بقصد إحداث أثر قانونی.
ونحن من جانبنا يمكننا أن نعرف القرار الإداري من خلال تحديد ركن الإرادة فيه بأنه تعبير عن الإرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد إحداث أثر قانونی معین.
ومن جانبنا عندما نبحث في محل دعوى الإلغاء فإن القرار الإداري يجب أن تتضح عناصره وملامح تكوينه بغض النظر عن أركانه وشروط صحته فأركان القرار كالاختصاص والشكل والمحل
والسبب والغاية هي أركان أي عمل إرادی له أثر قانونی ولا تقتصر على القرار الإداري فقط ومن هنا كان يجب إبراز السمات الأساسية للقرار الإداري أو ما يدعوه أحد الفقهاء شروط
انعقاد القرار الإداري والتي هي في رأيه توافر الإرادة بالشروط الآتية أن تكون منفردة وأن تصدر عن سلطة إدراية وأن يكون من شأنها إحداث أثر قانوني .
نتفق مع الفقيه في تحديده للعناصر المميزة للقرار الإداري وان كنا نختلف معه في تفصيلات هذه العناصر فأن يكون القرار تعبيراً عن الإرادة المنفردة للإدارة هو الذي يميز القرار الإداري
عن القرارات التي تصدر من السلطتين التشريعية والقضائية وأن يكون القرار تعبيراً عن الإرادة في إحداث أثر قانوني معين هو الذي يميز القرار الإداري عن الأعمال المادية والأعمال
التمهيدية أو التحضيرية ومن هنا وبخروج هذه الأشكال التي قد تختلط بالقرار الإداري عن نطاق القرار الإداري الذي يختص به مجلس الدولة والأعمال والقرارات الأخرى التي لا تدخل في مفهوم القرار الإداري وبالتالي لا يختص بها مجلس الدولة بوصفها قرارات إدارية ولكن قد يختص بها مجلس الدولة بوصفها الآخر كأن تكون من العقود الإدارية أو تدخل في مفهوم المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة أيضاً ولكن تخضع في هذا الاختصاص لقواعد وإجراءات أخرى تخالف تلك التي يخضع لها القرار الإداري عند نظر مجلس الدولة لدعاوى إلغائه.
فإنشاء مجلس الدولة ارتبط أساساً برغبة المشرع في إنشاء قضاء متخصص ينظر في إلغاء القرارات الإدارية ومن هنا تظهر أهمية تحديد القرار الإداري الذي يمكن ” الطعن عليه بالإلغاء أمام مجلس الدولة عن سائر تصرفات وأعمال الدولة الأخرى التي لا تدخل تحت وصف القرار الإداري فهذه الأعمال والقرارات والتصرفات لا تخضع للقيود التي وضعها القضاء الإدارى وطورها في خصوص قبول دعوى إلغاء القرارات الإدارية.
وخلاصة ما تقدم أننا ونحن في صدد العناصر التي يتكون منها تعريف القرار الإدارى يجب أن نستبعد أركان القرار وشروط صحته وتبقى فقط على تلك العناصر التي تميزه عن غيره من التصرفات القانونية ويمكن القول بأن القرار الإداري هو تعبير عن إرادة منفردة ملزمة لسلطة إدارية وطنية تؤدي إلى إحداث أثر قانوني معين.
وإذا كان صدور القرار تعبيراً عن إرادة منفردة كعنصر لا يحتاج إلى إيضاح كبير إلا أنه يميزه عن العقود الإدارية فإن صدور التعبير عن سلطة إدارية وطنية وإحداثه لأثر قانوني معين من العناصر التي تحتاج إلى إيضاح
وتفسير فضلاً عن هذا فإن صدور القرار الإداري مستكملاً لأركانه وعناصره لا يعني بصفة مطلقة اختصاص مجلس الدولة بلا منازع بنظر طلب إلغائه بل إن هناك طائفة من القرارات الإدارية أخرجها المشرع من اختصاص مجلس الدولة وأدخلها في اختصاص جهات أخرى .
ذهبت محكمة القضاء الإداري إلى أنه طبقاً للفقرة السادسة من المادة الرابعة من القانون رقم 112 لسنة 1946 تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في الطلبات التي يقدمها الأفراد بإلغاء القرارات الإدارية النهائية
إذا كان مرجع الطعن عدم اختصاص الهيئة التي أصدرت القرار المطعون فيه أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة للقوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة فالعبرة عند تقدير أي القرارات يقبل الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى هي بكون القرار نهائياً ولا يمكن أن يلحق مثل هذا الوصف القرارات الابتدائية الصادرة في المراحل التمهيدية وإنما هو يلحق القرار الذي يختتم تلك المراحل ويستقر به الوضع الإداري قانوناً ويصبح لجهة الإدارة بحكم القانون تنفيذه على الفرد فوراً .
(الدعوى رقم 1/67 ق جلسة 1947/3/25 س 1 ص 102)
وذهبت إلى أن نهائية القرارات التي تصدرها الجهات الإدارية في هذا الشأن لا تعنى سوى استفاد مراحل التدرج الإداري والتظلم من القرار لا يغير من نهائيته.
(الدعوى رقم 293 لسنة 1 ق جلسة 1948/2/10 س 1 ص 325 والدعوى رقم 357 لسنة 4 جلسة 1951/6/13 س 5 ص 1064)
وذهبت إلى أنه لا وجه للتحدى بأن القرار المطعون فيه ليس قراراً إدارياً نهائياً بمقولة إنه لا يعدو أن يكون اقتراحاً بإعادة النظر في موضوع الترقيات دون البت في ذلك بشكل نهائي لا وجه لذلك مادام القرار المطعون
فيه قد صدر من وزير الداخلية معلناً به إرادته الملزمة للأفراد بناء على سلطته العامة هي السلطة الوصائية المخول إياها بمقتضى المادة 19 من الأمر العالى الصادر في 1890/1/5 ومنتجاً هذا القرار أثره ذلك بتعديل مركز قانونی سبق أن كسبه المدعي بالقرار الصادر في 20 نوفمبر سنة 1946 فيكون القرار المطعون فيه والحالة هذه قد انطوى على جميع خصائص القرار الإداري النهائي.
(الدعوى رقم 128 لسنة 3 ق جلسة 1948/6/1 مجموعة س 2 ص 758) .
وقبل أن نترك صفة النهائية في القرار الإداري يتعين علينا بحث مشكلة عملية وهى مشكلة القرارات المتدرجة وهذه المشكلة تفترض أن المشرع أضفى صفة النهائية ن على القرار الذي يصدر من جهة معينة
ولكن هذا القرار تسبقه قرارات أخرى تصدر عن جهات أخرى فهذه القرارات لها أثرها البالغ على القرار النهائي كقرارات التعيين بر في الجامعات التي تتطلب ترشيح مجالس الأقسام ومجالس الكليات قبل صدور القرار
النهائي من مجلس الجامعة أو رئيسها فما هي قيمة هذه القرارات ؟ وهل يمكن الطعن فيها على استقلال ؟ ومن أمثلة هذه القرارات أيضاً قرارات مجالس تأديب الطلاب حين نص المشرع في القانون رقم 49 لسنة
1972 المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 1981 على إنشاء مجالس تأديب استئنافية لهذه المجالس الابتدائية فما هو أثر الطعن على قرار مجلس التأديب الابتدائي أمام مجلس الدولة وعدم الطعن عليه أمام مجلس التأديب الاستئنافى.
بادئ ذي بدء فإن قرارات مجالس الأقسام والكليات التي لا تحتاج إلى موافقة مجلس الجامعة لا تواجه مشكلة عند بحث مشروعيتها لأنها تعتبر نهائية فقد ذهبت محكمة القضاء الإداري إلى أن قرارات مجالس الأقسام بكليات جامعة الأزهر بمنح الدرجات العملية أو الدبلومات أو الشهادات هي وحدها التي يلزم عرضها بداءة على مجلس الكلية التابع لها القسم ثم على مجلس الجامعة بعد ذلك حتى تكتسب هذه القرارات صفة النهائية أما القرارات التي تصدرها مجالس أقسام تلك الكليات برفض تسجيل أو إعطاء هذه الشهادات فإنها تكتسب صفة النهائية بمجرد صدورها من مجالس الأقسام وعليه تختص محكمة القضاء الإدارى بنظر طلب المدعى إلغاء قرار مجلس قسم الأقتصاد بعدم تسجيل رسالته للماجستير.
(الدعوى رقم 1082 لسنة 33 ق جلسة 1979/12/4)
وهكذا يبدو الأمر محسوماً في قضاء المحكمة الإدارية العليا بخصوص وجوب الطعن فقط في القرار النهائي الأخير دون تلك القرارات السابقة عليه بوصف أن القرار النهائي هو الذي يحدث الأثر القانوني المرجو
من القرار وقبل هذا القرار لن يكون هناك أثر قانوني يمس مصالح المواطن إلا أن المحكمة الإدارية العليا في حكم مهم لها اعتبرت بهذه القرارات السابقة على القرار النهائي بوصفها أحد مكونات القرار النهائي فإذا أصابها عيب من عيوب القرار الإدارى شاب هذا العيب سائر القرارات الأخرى ومنها القرار النهائي .
وهكذا ظهرت أهمية القرارات غير النهائية بالنسبة للقرار النهائي فإذا أصابها عوار كان القرار النهائي معيباً أيضاً ولا يطهر القرار النهائي بصدوره ما قد أصابها من بطلان بل إن صدوره بالموافقة على هذه القرارات يصيبه بما فيها من بطلان وينعكس علية من هنا كانت أهمية القرارات المتدرجة في أن عوامل صحتها أو بطلانها يجب النظر إليها منفصلة عن القرار النهائى ولكن يبقى دائماً الطعن موجها إلى القرار النهائي وإلا عدت الدعوى غير مقبولة وفقاً لقضاء المحكمة الإدارية العليا سالف البيان.
وتأكيداً لفهمنا السابق ذهبت في حكم حديث لها إلى أن مفاد مواد قانون الأزهر ولائحته التنفيذية أن قرار منح الدرجة العلمية سواء درجة التخصص (الماجستير)
أو درجة العالمية (الدكتوراه) ولئن كان من اختصاص مجلس جامعة الأزهر بصریح نص المادة 48 من قانون الأزهر إلا أنه ليس قراراً بسيطاً يصدر رهن إرادة هذا المجلس وحده وبمبادرة منه ولكنه قرار مركب من عدة قرارات متلاحقة ومرتبطة ويتعين أن تصدر في كل
مرحلة من المراحل ليتوجها في النهاية قرار مجلس الجامعة فقرار منح الدرجة العلمية يشارك في تكوينه وإصداره عدة إرادات أخرى هي إرادة كل من الأستاذ المشرف على الرسالة الذي يقدم بعد الانتهاء من
إعدادها تقريراً عما إذا كانت صالحة للعرض على لجنة الحكم فإذا قرر صلاحيتها اقترح مجلس الكلية تشكيل لجنة الحكم على الرسالة ثم إرادة هذه اللجنة التي يعينها مجلس الجامعة بناء على اقتراح مجلس الكلية وتقدم اللجنة تقريراً بنتيجة المناقشة ويعرض على مجلس الكلية ثم إرادة مجلس الكلية بالموافقة على تقرير لجنة الحكم ثم يتوج الأمر في النهاية بصدور قرار مجلس الجامعة بمنح الدرجة العلمية فقرار مجلس
الجامعة بمنح الطالب الدرجة العملية هو نتاج التعبير المتلاحق والمتساند لهذه الإرادات مجتمعة وهذه الإرادات وخصوصا إرادة لجنة الحكم هي الأساس والركن الركين وحجر الأساس في تكوين هذا القرار وعليه فلا يسوغ لمجلس الجامعة الإهدار الكامل للإرادات السابقة على قراره بمنح الدرجة العملية والتي أسهمت كلا منها في تكوين هذا القرار دون أن يكون المجلس الجامعة سند قانوني وسبب مشروع.
(الطعن رقم 46 لسنة 32 ق جلسة 1991/2/16)
وهكذا وضحت وتميزت فكرة القرارات المتدرجة حتى يمكن الاستناد إليها في خصوص مد اختصاص المجلس إلى الطعون في القرارات غير النهائية بوصفها نوعاً من المنازعات الإدارية
وذلك أن المشرع إذ ينص في قانون مجلس الدولة على اختصاصه بنظر المنازعات الإدارية قد فتح بنصه هذا مجالاً للطعن في تلك الأعمال التي قد لا تكتسب صفة القرار الإداري النهائي بوصفها منازعة بين صاحب الشأن وجهة الإدارة ولكن مما يحد من أعتبارها كذلك شرط المصلحة الذي يجب أن يتوافر في الطعن على هذه الأعمال فمتى كان القرار غير نهائي فهو لم يرتب أثراً قانونياً يمكن لصاحب الشأن الاحتجاج به عند الطعن عليه وبمعنى آخر ليست لديه مصلحة معتبرة في هذا الطعن إلا أنه قد تتوافر لصاحب الشأن مصلحة معتبرة في الطعن على هذا الإجراء التمهيدي منفصلاً عن القرار النهائي عندئذ فنحن لا نرى مانعاً من قبول الطعن على هذه الإجراءات التمهيدية أو الأعمال التحضيرية بوصفها منازعة إدارية يختص بها مجلس الدولة.
(الموسوعة الشاملة في القضاء الإداري، المستشار الدكتور/ محمد ماهر أبو العينين، طبعة 2019، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الكتاب الأول، الصفحة: 71)
مرتبط
Author
المستشار القانوني احمد فتحي شحاته بالاستئناف العالي ومجلس الدولة رئيس تنفيذي لمجموعة المشورة القانونية للاستشارات القانونية واعمال المحاماة
هل تبحث عن
محامون ذوو خبرة؟
احصل على استشارة أولية مجانية الآن